بي بي سي عربي: في السابعة من عمرها، استفاقت رائدة طه على صراخ والدتها في الصباح الباكر، تمسك بجريدة.. وتبكي. أدركت يومها أن والدها علي طه قُتل أثناء تنفيذه لعملية خطف طائرة ركاب.
كان ذلك في العام 1972، خطف أربعة فلسطينيين من منظمة “أيلول الأسود” الطائرة “سابينا” التابعة للخطوط البلغارية وتوجهوا بها الى مطار “اللِد” في تل أبيب للمطالبة بتحرير أسرى فلسطينيين. وكان علي طه قائد المجموعة والمخطط للعملية.
تروي رائدة طه لبرنامج “المشهد”، الحدث من زاوية أخرى. تستعيد آخر مرة رأت فيها والدها، الذي ودّعها وودّع شقيقتها ووالدتها واتجّه دون أن يخبر أحداً عن وجهته ودون أن يلتفت الى الوراء، تستعيد مشهد وصول خبر مقتله الى المنزل الذي غصّ بالزوّار والمعزّين. كانت أمّها قد شعرت أنّ زوجها يحضّر لشيء ما، بعد عثورها على جوازات سفر إسرائيلية في حقيبته.
احتجز الإسرائيليون جثّة علي طه بعد مقتله. حاولت عمّتها بشتى الطرق استردادها. ذات يوم، علمت بزيارة وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، فذهبت عمّتها وحدها لتبحث عنه من مكان الى آخر، قصدت الفندق الذي يقيم به غير مكترثة بالإجراءات الأمنية، وعند خروجه من غرفته، نادته وسلّمته رسالة وشكت له احتجاز جثّة أخيها. نجحت حينها في استرداد الجثّة وإقامة مراسيم الدفن بعد مرور عامين على عملية خطف الطائرة.
أخذ ياسر عرفات على عاتقه الاهتمام برائدة طه وبعائلتها. درست الصحافة في الولايات المتحدة وبعد تخرّجها عملت جانب سكرتيرة صحافية الى جانبه في مقرّ إقامة منظمة التحرير في تونس.
تكشف لبرنامج “المشهد” عن وجه آخر لقائد منظمة التحرير، متى كان وحيداً وحزيناً؟ كيف كان يحمي نفسه بنفسه؟ وكيف عاش أيام توقيع “إتفاق أوسلو”؟
تتذكر رائدة عودتها إلى فلسطين بعد “أوسلو”، ومشهد عودة ياسر عرفات الى غزّة عام 1994. وتستعيد أيّامه الأخيرة في رام الله قبل وفاته عام 2004.
انتظرت رائدة سنوات لتحقيق حلمها بالوقوف على خشبة المسرح، لتروي في أعمالها المسرحية تجربتها وتجارب فلسطينية واقعية عايشتها.