حملت نتائج الانتخابات التشريعية الكويتية مفاجآت كبيرة، إذ بلغت نسبة التغيير في تركيبة مجلس الأمة 62 بالمائة. في حين لم تفلح النائبة صفاء الهاشم في الحفاظ على مقعدها في المجلس الجديد .
وبخسارة الهاشم، ستغيب الوجوه النسائية عن البرلمان لأول مرة منذ السماح للمرأة الكويتية بالترشح للانتخابات عام 2008.
وجاءت نتائج الانتخابات مخيبة لآمال بعض الناشطات الكويتيات وتطلعاتهن، إذ وصفن غياب المرأة عن المشهد البرلماني الجديد بـ “الانتكاسة”.
وأرجع معلقون كويتيون إخفاق المرأة في الحصول على مقعد برلماني إلى عدة أسباب.
ثمة من ربطه بالفكر السائد في المجتمع الذي “لا يزال يميل إلى تفضيل الرجل في العمل السياسي على المرأة”
في حين يعزو البعض تراجع حضور المرأة في البرلمان إلى “قيود نظام الصوت الواحد الذي يحد من اختيارات المواطنين، فيميلون بذلك للتصويت لابن العشيرة أو العائلة” وفق تفسيرهم.
إلا أن معلقين آخرين يعتبرون أن مستقبل المشاركة السياسية والمجتمعية للمرأة متوقف على المرأة ذاتها.
وترى ناشطات أن “ضعف الأداء والحضور الباهت لبعض البرلمانيات السابقات وقربهن من توجهات الحكومة” كانت أسبابا كافية لتراجع فرص تمثيل المرأة.
وتعلق إحداهن: “للأسف لم تثبت المرأة حضورها داخل مجلس الأمة. والاختيار الصحيح يجب أن يقوم على قدرة المرشح ومعرفته بهموم الناس وتاريخه في خدمة مجتمعه بعيدا عن الانتماءات العشائرية والجندرية”.
وفي حين كتبت مغردة أخرى:” مجلس نيابي بلا نساء مع نسبة تصويت نسائية أكبر من نسبة الرجال دليل على عدم قناعة المرأة بدور المرأة”.
ونشرت وكالة الأنباء الكويتية، أسماء المرشحين الفائزين عن الدوائر الخمس، وعددهم الإجمالي 50 نائبا، إذ لم ينجح سوى 19 نائبا من الدورة البرلمانية السابقة، تصدرهم رئيس البرلمان السابق، النائب، مرزوق الغانم.
اهتمام واسع بخسارة الهاشم
ولم يقتصر الاهتمام بالنتائج على الكويتيين بل امتد ليشمل معلقين من دول عربية أخرى، خاصة في مصر التي شهدت انتشارا واسعا لوسم يحمل اسم النائبة الكويتية.
فقد أفرد مغردون مصريون جزءا من تعليقاتهم للحديث عن صفاء الهاشم التي تصدر اسمها مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد.
اهتمام المصريين بخسارة النائبة الكويتية يأتي في سياق تصريحاتها السابقة حول العمال الأجانب.
عرفت الهاشم، المحسوبة على التيار الليبرالي بانتقادها الحاد لسياسة بلادها تجاه الوافدين. وكثيرا ما طالبت بوقف استقدام المصريين لا سيما في مهن كالتدريس، بحجة أنهم يستفيدون من خيرات البلد أكثر من أهلها.
وفي أول تعليق بعد خسارتها في الانتخابات، عبرت صفاء الهاشم عن فخرها بما قدمته خلال الفترة الماضية.
وعبر منتقدو صفاء عن سعادتهم بهذه النتيجة واعتبروها دليلا على رفض الشعب الكويتي لـ”شعارات الكراهية والتنمر التي كانت ترددها النائبة”، وفق تعبيرهم.
أما مؤيدو صفاء الهاشم فيعدونها مثالا للمرأة العربية المحاربة الناجحة وصوتا نسائيا واجه المجتمع الذكوري، على حد وصفهم.
انتخبت الهاشم لأول مرة عام 2012، في دورة المجلس التي ألغيت بقرار من المحكمة الدستورية، لكن النائبة كررت المحاولة لتفوز بالمجلس في العام التالي.
كما أعيد انتخابها عام 2016، لتكون المرأة الوحيدة بين الرجال في تلك الدورة.
رغم تكثيف المجموعات النسوية من نشاطاتها، إلا أن تمثيل المرأة في مجلس الأمة شهد تراجعا تصاعديا في السنوات الأخيرة.
فمن 4 نساء في مجلس 2009، تقلص العدد إلى 3 في 2012، ثم لنائبتين عام 2013، فنائبة واحدة في 2016، لتشهد الانتخابات الأخيرة سيطرة رجالية على المجلس.
“مؤشر على غضب الناخبين”
وتراجع عدد الأعضاء الموالين للحكومة، وغاب أيضا أبرز الأعضاء المعارضين لها.
لكن اللافت في هذه الانتخابات هو صعود الشباب.
ويقول محللون إن التغيير الكبير في تركيبة مجلس الأمة يعطي مؤشرا على غضب الناخبين على أداء ممثلي المجلس السابق، ورغبتهم في تغيير الأوضاع ومحاربة الفساد.
وفي هذا السياق علق جمال رجا العنزي:” رسالة الناخبين واضحة وجلية بالتغيير وعدم رضاهم عن السنوات العجاف في مجلس ٢٠١٦ وما قبله، فهل تقرأ الحكومة هذه الرسالة بتمعن؟”.
وبحسب النتائج المعلنة، فقد تمكنت الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) الذراع السياسي للإخوان المسلمين في الفوز بـ 3 مقاعد برلمانية بينما أخفق التجمع الإسلامي السلفي للمرة الثانية على التوالي في التمثيل داخل مجلس الأمة.
وبقي التمثيل الشيعي على حاله رغم تبدل الوجوه.
ويرى مراقبون أن النتائج الجديدة ‘توحي بأن البرلمان القادم سيحمل نفسا معارضا قويا للحكومة ‘ .
وكانت الكويت أول دولة خليجية عربية تتبنى نظاما برلمانيا في 1962. ومنحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات في 2005.
وتتمتع الكويت بحياة سياسية نشطة ويحظى برلمانها الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات، بسلطات تشريعية واسعة. ويمكن لأي نائب استجواب رئيس الحكومة أو أي من الوزراء.